قال تعالى:(وما كان هذا القران اى يفترى من دون الله ولكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ام يقولون افتراه قل فاتوابصورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صدقين بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما ياتيهم تاويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عقبة الظلمين )يونس :37-39
انباء الغيب فيه
القران قد اشتمل على اخبار كثيرة من الغيوب التى لا علم لمحمد صلى الله عليه وسلم بها ،ولا سبيل لمثله ان يعلمها مما يدل دلالة بينة على ان هذا القران المشتمل على تلك الغيوب ،لا يعقل ان يكون نابعا من نفس محمد صلى الله عليه وسلم ولا غير محمد صلى الله عليه وسلم من الخلق .بل هوكلام علام الغيوب وقيوم الوجود الذى يملك زمام العالم (وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها الا هو و يعلم ما فى البر والبحر )الانعام :59
غيب الماضى :
اما غيوب الماضى فى القران فكثيرة ،تتمثل فى تلك القصص الرائعة التى يقيد بها التنزيل ولم يكن لعلم محمد صلى الله عليه وسلم بها من سبيل منها قصة نوح عليه السلام التى قال الله فيها (تلك من انباء الغيب نوحيها اليك ما كنت تعلمها انت ولا قومك من قبل هذا )هود :49ومنها قصة موسى عليها السلام الذى يقول الله فيها (وما كنت بجانب الغربى اذ قضينا الى موسى الامر وما كنت من الشاهدين ولكنا انشانا قرونا فتتطاول عليهم العمر وما كنت بجانب الطور اذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما اتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون )القصص :44-46)
ومنها قصة مريم وفيها يقول الله :(ذلك من انباء الغيب نوحيه اليك وما كنت لديهم اذ يلقون اقلمهم ايهم يكفل مريم وما كنت لديهم اذ يختصمون )ال عمران :44)
غيب الحاضر :ومنه ما فضح الله به المنافقين فى عصر الرسول صلى الله عليه وسلم مما كان قائما بهم وخفى امره عليه كقوله :(ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو الد الخصام واذا تولى سعى فى الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد )البقرة :204،205. وكقوله فى مسجد الضرار الذى بناه المنافقون :(والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وارصادا لمن حارب الله ورسوله من قل وليحلفن ان اردنا الا الحسنى والله يشهد انهم لكذابون )التوبة :107
غيب المستقبل :
وهذا باب عظيم لا يمكن استقصاء جميع ما فيه لكثرتها ،ولكن نحن نشير الى امثلة من ذلك :
- اخبار القران عن الروم بانهم سينصرون فى بضع سنين من اعلان هذا النبا الذى يقول الله فيه :(الم غلبت الروم فى ادنى الارض وهم من غلبهم سيغلبون فى بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن اكثر الناس لا يعلمون )الروم:1-6
- انباء القران بان الله عاصم رسوله وحافظه من الناس ،لا يصلون اليه بقتل ،ولا يتمكنون من اغتيال حياته الشريفة بحال ،وذلك فى قوله عز وجل :(والله يعصمك من الناس )المائدة :67 ولقد تحققت نبوءة القران هذه ،ولم يتمكن احد من اعداء الاسلام ان يقتله صلى الله عليه وسلم ،مع كثرة عددهم ووفرة استعدادهم ومع انهم كانوا يتربصون به الدوائر ويتحينون الفرص لايقاع به والقضاء عليه وعلى دعوته .
- ما جاء فى معرض التحدى بالقران ،من قوله سبحانه :(فان لم تفعلوا ولن تفعلوا )البقرة :24.وقوله تعالى :(قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان ياتوا بمثل هذا القران لا ياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )الاسراء :88.فان ماتراه فى هاتين الايتين من القطع بانتفاء قدرة المخاطبين وجميع الانس والجن على ان ياتوا بمثل هذا القران ،قد تناول اطواء المستقبل ممن لا يملكه محمد صلى الله عليه وسلم ولا مخلوق غيره ،ومع ذلك فقد تحققت نبؤة القران ولا تزال متحققة
- تنبؤ القران بهزيمة جموع الاعداء فى وقت لا مجال فيه لفكرة الحرب ،فضلا عن التقاء الجمعين وانتصار المسلمين وانهزام المشركين ،وذلك قوله سبحانه فى سورة القمر وهى مكية :(سيهزم الجمع ويولون الدبر )القمر :45